اشعياء النبي - موقع ابونا فلتاؤس السريانى

اشعياء النبي


http://mechristian.files.wordpress.com/2009/10/prophet.jpg
 
 
فلنسأل الآن إشعياء النبي الذي تأمل الساروفيم, والذي سمع الإنشودة الخالدة والذي تنبأ بنبوات متعددة تخص المسيح ’’رؤيا إشعياء (النبي) بن أموص التي رآها على يهوذا وأورشليم‘‘ إن النبي في هذه الرسالة يسلّمنا رؤيا لـه وهذه كلماتها الأولى ’’اسمعي أيها السموات واضغي أيتها الأرض لأن الرب قد تكلم‘‘ لكنك لم تتكلم عن ما أعلنته في البداية يا إشعياء. فرسالتك يجب أن تكون مختصة بيهوذا وأورشليم. وهوذا أنت قد تركت هذا الأمر جانباً لتخاطب السماء والأرض. لماذا تصرف وجهك عن البشر العاقلين لكي تخاطب عناصر عديمة العقل.

اعلما أن الكائنات العاقلة قد انحطت حتى إلى مستوى أقل من الكائنات المجردة عن العقل, ومن ناحية أخرى فإن موسى عندما قاد العبرانيين إلى أرض الموعد, أحس بقلبه بأولئك الذين في المستقبل سوف يحتقرون الطريق التي وصفها لهم فهتف أيضاً قائلاً ’’أنصتي أيتها السموات فأتكلم ولتسمع الأرض أقوال فمي‘‘ (تث32: 1) أنني أشهد عليكم السماء والأرض إنه إذا وصلتم أرض الموعد وتركتم المسيح إلهنا فأنتم سوف يصيبكم التشتيت في كل الأمم.

عندما أتى إشعياء كان التهديد على وشك أن يصير حقيقة. فلم يستطيع إشعياء أن يخاطب لا موسى ولا أولئك الذين سمعوا حينذاك لأن الكل كانوا قد ماتوا, فلذلك خاطب عناصر الطبيعة التي سبق أن أخذها موسى كشاهد. لقد نقضتم وعدكم أيها اليهود وتركتم الله. كيف أدعوك يا موسى وأنت قد مُت ومهمتك قد انتهت. هل أدعو هارون ولكنه هو أيضاً قد رحل عن العالم. ألم تعد تعرف لمن توجه كلامك يا إشعياء خاطب إذن العناصر الجامدة.



اسمعي أيها السموات:

لهذا السبب وعلى مدى حياتي أيضاً لم استشهد لا بهارون ولا بأي واحد آخر لأنهم جميعاً مائتون ـ لهذا فأنا أدعوكِ أيها الأشياء الطبيعية لأنك باقية. لذلك صرخ إشعياء قائلاً ’’اسمعي أيها السموات وأصغي أيها الأرض‘‘ لأن موسى يوصيني (بمثاله) أن أدعوكِ اليوم.

ولكن هناك أيضاً سبب آخر: إنه كان يخاطب اليهود: أيتها السموات اسمعي لأنكِ أنتِ التي أسقطتِ المن, أيتها الأرض, أصغي لأنكِ أنتِ التي أعطيتِ السلوى. اسمعي اسمعي أيتها السموات لأنك التي جعلتِ المن يسقط, أنتِ التي جاءت فيك هذه الظاهرة فوق الطبيعية من العلا ـ تحوّلت لحقل فائض الخصوبة. أصغي أيها الأرض لأن هنا على الأرض قد تهيأت مائدة عظمية.

لم تكن الطبيعة هي التي عملت في ذلك الزمان ولكن هناك لزوم لبذل جهد فوق الطاقة لكي ينضج الحصاد. ولم يكن هناك احتياج لطّباخ ولا أيضاً لتوصيات خاصة. المن مصدر غذاء حقيقي مقدس, كان هو البديل لكل أنواع الأغذية الأخرى. لقد تناست الطبيعة ضعفها, كيف أن ملابسهم لم تبل وأحذيتهم لم تتهرأ كل ذلك كان يخدمهم.

’’أسمعي أيتها السموات وأصغي أيتها الأرض‘‘ بالرغم من كل العجائب التي لم يُسمع بها وبالرغم من هذه الإحسانات فقد أُهين الرب, لمن سأتكلم هل لكم. لكن لم يسمعني إنسان لقد أتيت ولم يوجد أحد, لقد تكلمت ولم يسمعني أحد, لذلك فإلى الأشياء غير العاقلة أوجه كلامي حيث أن ذوي العقول قد انحطوا المستوى محزن.

لهذا السبب أيضاً فإن نبياً آخر إذ رأى السلوك غير العاقل لملكهم وهو يوقد للوثن ويهين الله والكل يرتعد خوفاً فصرخ: ’’يا مذبح يا مذبح اسمعني‘‘ (1مل 13: 3) ما هذا أتخاطب حجراً أيها النبي. نعم لأن هذا الملك قد صار عديم العقل أكثر من الحجر.

’’أسمعني يا مذبح أسمعني, هذا ما يقوله الرب‘‘ والمذبح أيضاً انشق والحجر سمع وانفلق وذُرى الرماد في كل جهة. ومع ذلك فإن الملك ظلّ أصم وإزاء هذه الكلمات, إذ مد يده بشدة لكي يمسك النبي, لكن الله تدخل ويبّس يده.

أترون إحسان الله في هذا الفعل وتدركون مدى خطأ العبد؟ إن الله لم ييبّس تلك اليد من البداية. لعل مشهد المذبح المنشق يقتاد الملك إلى الصواب. وبالفعل لو لم يكن الله قد أجرى هذه المعجزة (انشقاق المذبح) لكان عفا عن الملك, لكن حيث أنه لم يقدّم سلوكه لدى رؤيته المذبح المنشق فقد صب الله غضبه عليه.

لقد رفع الملك يده ليضرب النبي فيبست تلك اليد في موضعها. هكذا انتصبت راية النصر, فلا الجنود المسلحين ولا الحرس الموجود بأعداد غفيرة استطاعوا أن يشفوا هذه الضربة, وظلت اليد يابسة تشهد بانحطاط الإثم وتعلن انتصار التقوى وتُظهر الضلال الجنوني للملك, ولكن (في نفس الوقت) تشهد بالإحسان الإلهي تجاه البشر, وهكذا لم يستطيع شيء أن يعيد الصحة إلى هذه اليد.
اشعياء النبي اشعياء النبي

اشعياء النبي